السودان.. الحرب تدخل أسبوعها الثالث: أكثر من 500 قتيل، وآلاف الجرحى
رغم الهدنة المعلنة والجهود الدولية لوقف القتال، تدخل المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أسبوعها الثالث؛ مخلفة أكثر من 500 قتيل وآلاف الجرحى، وفقا لأرقام وزارة الصحة السودانية.
وأفاد مراسل الجزيرة بتحليق طائرات الجيش صباح اليوم الأحد في منطقة شمبات (شمالي الخرطوم بحري)، وقال إن قوات الدعم السريع ردت عليها بمضادات الطيران.
في الوقت نفسه، تصاعدت أعمدة الدخان في العاصمة على وقع اشتباكات متقطعة في أنحاء من الخرطوم وأم درمان، وذلك في اليوم الثالث والأخير من خامس هدنة وافق عليها الطرفان منذ اندلاع القتال بينهما في 15 أبريل/نيسان الجاري.
وسمعت أصوات الاشتباكات في حي جبرة (جنوبي العاصمة الخرطوم).
وبعد ظهر اليوم، أفاد مراسل الجزيرة بأن أعمدة دخان كثيف تتصاعد في مركز مدينة الخرطوم بحري.
في غضون ذلك، أعلن الجيش السوداني أن عمليات إجلاء الأجانب ستتواصل من قاعدة وادي سيدنا (شمالي الخرطوم)، مشيرا إلى أن القاعدة لا تواجهها أي مهددات في الوقت الحالي.
وقال الجيش -في بيان- إنه يواصل رصد تحركات “أرتال العدو” المتحركة من الغرب إلى العاصمة، وذلك يؤكد استمراره في انتهاك الهدنة، حسب قوله.
وأشار إلى أن قواته دمرت أرتالا للدعم السريع جنوب الزريبة بولاية شمال كردفان والمويلح فتاشه غربي أم درمان.
انتشار “الاحتياطي المركزي”
وذكر البيان أن الجيش مستمر في تهيئة الظروف المناسبة لنزول الشرطة تدريجيا إلى الشوارع بالتزامن مع عمليات التمشيط.
وكان الجيش أعلن مساء أمس السبت أن وحدات من شرطة الاحتياطي المركزي بدأت العمل تدريجيا بمناطق جنوب الخرطوم، وأن نزولها سيتوالى تباعا في مناطق العاصمة.
وأكدت وزارة الداخلية السودانية اليوم أن قوات الاحتياطي المركزي خرجت “إلى الميدان أمس لتأمين الأسواق والممتلكات”، مشيرة إلى أنها فصيل تابع للشرطة.
وفي سياق الاتهامات لقوات الدعم السريع، قال الجيش إن من يصفهم بالمتمردين حولوا مستشفى شرق النيل إلى ثكنة عسكرية مدججة بالسلاح ومركز قيادة للعمليات.
واتهم الجيش تلك القوات بمواصلة القصف العشوائي، والاستمرار في نهب الممتلكات العامة والخاصة، بما فيها البنوك.
في المقابل، قالت قوات الدعم السريع اليوم الأحد -في بيان- إن انتهاكات ما تصفها بالقيادات الانقلابية في القوات المسلحة للهدنة الإنسانية المعلنة ما زالت مستمرة.
وذكر البيان أن “الانقلابيين” هاجموا بالمدافع والطائرات مواقع تمركز قوات الدعم السريع في عدد من المناطق بولاية الخرطوم.
وأضاف أنهم يستعدون منذ أمس للهجوم على قوات الدعم السريع في الحلفايا وأم درمان والخرطوم.
وأكدت قوات الدعم السريع التزامها بالهدنة المعلنة لفتح مسارات آمنة وتسهيل عملية إجلاء الرعايا الأجانب.
وعلّقت قوات الدعم السريع على أنباء انتشار فصيل من الشرطة، فقالت إن الوحدات المنتشرة هي كتائب من “الأمن الشعبي” بزي شرطة الاحتياطي المركزي، انضمت إلى قوات من الجيش في حي الشجرة بالخرطوم، حسب قولها. في إشارة إلى أنها مجموعات محسوبة على النظام السابق.
من جانب آخر، دانت وزارة الخارجية السودانية ما وصفتها بالاعتداءات السافرة على مقرات البعثات الدبلوماسية من قبل قوات الدعم السريع “المتمردة”، حسب قولها.
وطالبت الوزارة المجتمع الدولي بإدانة “السلوك الإجرامي”، مؤكدة حرصها على سلامة المقرات الدبلوماسية وأمنها.
“الجبهة المدنية” تحذّر
سياسيا، حذرت “الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية” من تزايد المخاطر بانعدام الأمن وانتشار الجريمة من سلب ونهب للمنازل والمواطنين والمحلات التجارية والمصانع والبنوك جراء المعارك الدائرة.
وقالت الجبهة -التي شكلتها قوى سياسية حزبية وناشطون- في بيان إنها ترى ضرورة أن يسمي الجيش وقوات الدعم السريع ممثلين لهما لبحث سبل وقف إطلاق النار.
وانتقدت الجبهة ما وصفته بالخطاب الإعلامي الموجه الذي “يجرم ويخوّن القوى المدنية والسياسية والمجتمعية السلمية الساعية إلى الديمقراطية وتحقيق السلام”، وحذرت من الاستهداف المستمر لقوى الثورة السودانية، وفق البيان.
وكذلك عبرت الجبهة عن أسفها للأحداث الدامية في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور بالتزامن مع المعارك في الخرطوم، وقالت إن الهجمات المتكررة من مجموعات مسلحة على المدنيين العزل أدت إلى سقوط مئات الضحايا وتخريب متعمد للمؤسسات والقطاعات الحيوية، لا سيما المستشفيات.
وأعلنت وزارة الصحة السودانية أمس السبت أن المعارك الدائرة في البلاد أودت بحياة ما لا يقل عن 528 شخصا، وخلفت 4599 جريحا. ويرجح أن تكون الحصيلة أكبر من ذلك.
أما نقابة أطباء السودان، فقد ذكرت في أحدث بياناتها اليوم أن عدد القتلى من المدنيين ارتفع إلى 425 والمصابين إلى 2091 منذ بداية الاشتباكات.
ونزح نحو 75 ألف شخص إلى الدول المجاورة؛ مصر وإثيوبيا وتشاد وجنوب السودان، وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، كما تنظم دول عدة عمليات إجلاء واسعة.
مبعوث البرهان يزور السعودية
وفي إطار المساعي الإقليمية والدولية لوقف الاقتتال في السودان، قالت وزارة الخارجية السعودية إن وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان استقبل في الرياض اليوم الأحد السفير دفع الله الحاج علي المبعوث الخاص لرئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان.
وأكد وزير الخارجية السعودي دعوة الرياض إلى التهدئة ووقف كل أشكال التصعيد العسكري، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السعودية.
من جهة أخرى، قال وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف إن هناك مقترحا لعقد اجتماع لوزراء خارجية جنوب السودان وكينيا وجيبوتي مع مبعوثين من طرفي النزاع خارج السودان.
ورأى يوسف أن إخفاق الهدن في السودان يرجع إلى غياب التواصل بين طرفي النزاع، مشددا على ضرورة إيجاد تواصل حقيقي.
وأعرب عن قلقه من اتساع دائرة النزاع في السودان، مؤكدا أن انهيار الدولة ستكون له نتائج كارثية على القارة الأفريقية.
وأشار وزير خارجية جيبوتي إلى أن زيارة رؤساء جنوب السودان وجيبوتي وكينيا إلى الخرطوم ما زالت احتمالا قائما، لكن في انتظار تحسن الوضع الأمني هناك.