قانون التقاعد الفرنسي يضع استمرار ماكرون في منصبه على المحك
أصبح استمرار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في منصبه موضع شك بسبب المعارضة العارمة لتعديلات قانون التقاعد التي اقترحتها الحكومة الفرنسية مؤخرا.
وقالت إذاعة “مونت كارلو” الفرنسية إن استطلاعا للرأي في فرنسا أظهر أن 72% من الفرنسيين يعارضون مشروع القانون الجديد، كما أن أكثر من 57% أيدوا حركة الإضرابات والمظاهرات ضد مشروع القانون حتى أن هذه الحركة أصابت البلاد بالشلل لأنها الطريقة الوحيدة لمواجهة ماكرون وحكومته.
واعتبر الرئيس الفرنسي في برنامجه الانتخابي أنه من الضروري تعديل سن التقاعد إلى 65 عاما (تم تحديده في مشروع القانون ب64 عاما) وزيادة فترة المساهمة في صندوق التقاعد إلى 43 عاما، واعتبر أن هذا التعديل يشكل الإصلاح الرئيسي لفترة رئاسته الثانية، وهو ما يعارضه الفرنسيون.
ما يضع مستقبل استمرار ماكرون في منصبه هو حجم وعنف معارضة الرأي العام الفرنسي لتعديل القانون خصوصا وأن تحالف اليسار واليمين المتطرف في البرلمان أعلنا أنهما سيصوتان ضده، بينما برزت إمكانية لأن يؤيده نواب اليمين التقليدي، الذين كانوا ينادون بتعديل مشابه.
وبناء على الوضع الراهن، يرى المراقبون أن هناك 3 سيناريوهات محتملة حول مستقبل ماكرون كرئيس لفرنسا، جاءت كما يلي:
الأول: نجاح حزب ماكرون في إقناع 20 نائبا من اليمين التقليدي بالتصويت إلى جانبه، وبالتالي يتم إقرار القانون، ولكن حجم الرفض لدى الرأي العام يثير مخاوف الكثير من نواب اليمين التقليدي، بل وبعض نواب حزب ماكرون ذاته، من تأييد القانون والذي قد ينعكس سلبيا على انتخابهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
الثاني: يتراجع ماكرون ويسحب مشروع القانون، لكن الأمر سيشكل نهاية عملية لفترته الرئاسية، لأن تراجعه عن الإصلاح الذي اعتبره مهمته الرئيسية، كما أن ذلك سيعني عجزه عن تطبيق أي سياسات جديدة.
الثالث: أن يقررماكرون، في حال عدم حصوله على أصوات أغلبية النواب، حل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة، ولكنه قرار بالغ الخطورة، لأنه على الأغلب سيؤدي لأغلبية كبيرة، إن لم تكن مطلقة، لليمين المتطرف في البرلمان الفرنسي.
يذكر أن قانون التقاعد الفرنسي ينص على أحقية العامل في الحصول على راتب تقاعدي كامل بشرط أن يبلغ سنه 62 عاما، وأن يكون قد ساهم في صندوق التقاعد على مدى 42 عاما، وإلا ينخفض راتبه التقاعدي بصورة متناسبة مع السن وفترة مساهمته في الصندوق.
يفضل الفرنسيون هذا النظام، الذي وضعه الجنرال ديغول غداة الحرب العالمية الثانية، لأنه نظام تضامني، أي أن العاملين وشركاتهم هم من يدفعون رواتب المتقاعدين عبر نسبة تقتطع من الرواتب ونسبة أخرى تسددها الشركات عن كل عامل.
بينما يقوم نظام التقاعد في العديد من الدول الغربية الأخرى، وخصوصا في الولايات المتحدة، على وضع العامل لجزء من راتبه في صناديق استثمارية، تتعهد بمنحه دخلا شهريا لدى خروجه على التقاعد، أي أن العامل هو من يتكفل براتبه التقاعدي، وهو نظام يرفضه الفرنسيون لما يتضمن من أخطار برزت خلال الأزمات المالية حيث خسر الكثيرون دخلهم التقاعدي مع إفلاس الصناديق الاستثمارية.