نتنياهو يفتتح دورة الكنيست بالهجوم على القضاء وتكرار التعهد بـ”القضاء على حماس”

افتتحت الكنيست، اليوم الإثنين، دورتها الشتوية والأخيرة قبل الانتخابات المقبلة، في أجواء من التوتر، على خلفية الهجوم الحاد الذي شنّته حكومة بنيامين نتنياهو على السلطة القضائية، ما أثار موجة من الاحتجاجات داخل القاعة، تخللتها مشادات وصراخ وانتهت بإخراج عدد من أعضاء المعارضة.
وفي مستهل خطابه أمام الهيئة العامة للكنيست، هاجم نتنياهو الجهاز القضائي متهمًا إياه بتجاوز صلاحياته، مشددًا على أن حكومته ستواصل العمل لتحقيق جميع أهداف الحرب على قطاع غزة، وفي مقدمتها “القضاء على حماس عسكريًا وسلطويًا”، متهما الحركة بخرق اتفاق وقف إطلاق النار.
وأشار إلى أن أمام “إسرائيل” “تحديات وفرصًا كبيرة في المرحلة المقبلة”، موضحًا أنه سيبحثها مع نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، خلال زيارته إلى “إسرائيل”، في وقت تواصل فيه الإدارة الأميركية إرسال مبعوثيها لبحث التطورات في غزة ومسار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.
وجاء خطاب نتنياهو بعد مداخلة رئيس الكنيست أمير أوحانا، الذي افتتح الدورة بهجوم حاد على السلطة القضائية، وقدّم رئيس المحكمة العليا، عميت، بصفته “قاضي المحكمة العليا” بدلًا من “رئيس المحكمة العليا”.
وقال أوحانا في مستهل خطابه إنّ “دهس الكنيست من قِبل الجهاز القضائي يشكّل مساسًا خطيرًا بالديمقراطية “الإسرائيلية”، ما أثار اعتراض أعضاء المعارضة وأدى إلى صخب ومشادات خلال خطاب رئيس الكنيست.
وأضاف رئيس الكنيست أنّ هذا يعني “إلغاء ممثلي الشعب، أي السيادة نفسها، الشعب الذي خرج إلى صناديق الاقتراع في يوم الانتخابات، والذين أصواتهم متساوية جميعًا”.
وتابع أنّ “الجهاز القضائي، بما في ذلك مؤسسة المستشار القانوني للحكومة – وهي مؤسسة تعمل من دون قانون يحدّد صلاحياتها، والتي تتسع باستمرار – يقوّض عمليًا جوهر الاختيار الشعبي”.
وأضاف رئيس الكنيست أنّه “لا توجد سلطة ديمقراطية في العالم تعمل من دون توازنات وضوابط سوى السلطة القضائية الإسرائيلية”، معتبرًا أنّه “في أي مكان ديمقراطي آخر لا توجد سلطة تمتلك قوة غير محدودة كما في “إسرائيل”، لأنّ كل شيء قابل للمقاضاة، ولها الكلمة الأخيرة دائمًا”.
وأشار إلى أنّه طُرحت في السابق تسويات “لتصحيح العلاقات بين السلطات”، غير أنّ الجهاز القضائي “يرفض الحوار أو التسويات، حتى الأكثر اعتدالًا منها”، على حدّ قوله؛ علما بأن المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، لم تُدعَ إلى الجلسة.
وردّ الرئيس الإسرائيلي، يتسحاق هرتسوغ، على تصريحات أوحانا مشددا على أنّه “لن يقبل بانتهاك الحد الأدنى من الاحترام”، وقال في خطابه: “أرحّب برئيس المحكمة العليا، وأقول إن الوقت قد حان لمناقشة هذه القضايا بعمق”.
وأضاف “إذا كنا نتحدث عن إلغاء أو تعديل قانوني، فلا بد من تحديد القواعد لذلك، لكن لا علاقة لذلك بانتهاك اللياقة أو كسر تقاليد استمرت عشرات السنين، وأدعو الجميع للجلوس والتحاور”.
من جانبه، توجّه نتنياهو إلى هرتسوغ بالقول: “قلت سابقًا إن عميت هو رئيس المحكمة العليا، وهذه حقيقة، لكنني أيضًا رئيس حكومة “إسرائيل”، وهؤلاء هم وزراء حكومتي وأعضاء الكنيست، وهذه أيضًا حقيقة. يجب الاعتراف بهذه الحقائق من جميع الأطراف، لا من طرف واحد فقط”.
“المعركة لم تنته… سنقضي على حماس”
وفي سياق حديثه عن ملف الحرب، شدد نتنياهو في كلمته على التزام حكومته “بإعادة جميع المحتجزين “الإسرائيليين” إلى البلاد حتى آخر واحد منهم”، في إشارة إلى جثث الأسرى المحتجزين في غزة.
وقال نتنياهو إنّ “قبل أسبوع أعَدنا إلى البلاد 20 من الأسرى الأحياء الباقين، ومعهم 12 من الأسرى القتلى، لكن المهمة لم تكتمل بعد”، قبل أن يتلو أسماء 16 من الأسرى القتلى الذين لا تزال جثثهم في قطاع غزة. وأضاف: “نواصل العمل بلا توقف لإتمام هذه المهمة”.
وخاطب نتنياهو أعضاء المعارضة قائلًا: “دعوتُمونا إلى وقف الحرب، إلى الاستسلام ورفع الأيدي، ولو كنا أصغينا إليكم لخرج (يحيى) السنوار و(محمد) الضيف بإشارات النصر”.
وكرر نتنياهو أن الحرب لن تنتهي قبل أن يتم “القضاء على حماس عسكريًا وسلطويًا”، وقال إن المعركة لم تنته متهما حركة حماس بخرق اتفاق وقف إطلاق النار في أعقاب مقتل جنديين “إسرائيليين” أمس، في رفح، جنوبي قطاع غزة.
وأشاد نتنياهو بـ”شدة الضربات” التي نفّذها جيش الاحتلال يوم أمس بزعم الرد على “خرق حماس” للتهدئة، وقال “هاجمنا حماس بـ153 طنًا من القنابل، وقتلنا عناصر واغتلنا قيادات ودمّرنا مواقع”.
وأضاف “نحن مُصمّمون على تحقيق كل أهداف الحرب، بما في ذلك نزع سلاح حماس”، مضيفًا أنّ الخطوات العسكرية مستمرة لتحقيق هذه الغاية. وحذّر من أنّ “وقف إطلاق النار ليس رخصة لحماس لتهديدنا”، مهددا بأنّ “لأي عدوان علينا سيكون ثمنٌ باهظ”.
“تحديات وفرص”
وجّه نتنياهو نداءً مشترًكا لأحزاب الائتلاف والمعارضة: “نعلم أي خراب سبّبته ‘الشِقاق’ في مجتمعنا — آن الأوان لخفض حدة النبرة”. فيما ردّت كتلة “ييش عتيد” على النداء بعبارة مقتضبة: “قُل هذا لرئيس الكنيست”، في إشارة إلى خطاب أمير أوحانا.
وقال نتنياهو إنّه سيبحث مع نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، “التحديات والفرص الماثلة أمامنا”. وتأتي زيارة فانس إلى “إسرائيل” بالتزامن مع وصول المبعوثين الأميركيين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، لإجراء محادثات حول التطورات في غزة ومسار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وملفات المرحلة التالية.
“إسرائيل” “دولة” تابعة لواشنطن
بدوره، هاجم رئيس المعارضة، يائير لبيد، نتنياهو، متهمًا إياه بـ”التهرّب من المسؤولية” عن الإخفاقات الأمنية والسياسية التي رافقت هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وقال إنّ نتنياهو “حوّل “إسرائيل” إلى “دولة” تابعة لواشنطن”، على حدّ تعبيره.
وتوجّه لبيد إلى نتنياهو قائلاً: “قلت إنّ حزب الله راكم مئة ألف صاروخ — من كان رئيس الحكومة حينها؟ قلت إنّ إيران تعاظمت وخزنت قوة خطيرة — من كان رئيس الحكومة؟ قلت إننا انتصرنا في الحرب — لكن في ولاية من اندلعت الحرب؟”، مضيفًا: “هناك حدود للهروب من المسؤولية”.
كما وجّه لبيد انتقادًا لاذعًا لرئيس الكنيست أوحانا، ونعته بأنه “رئيس نصف كنيست فقط”، ما أثار مواجهة كلامية قصيرة بينهما، إذ ردّ أوحانا بالقول: “هذا غير صحيح وأنت تعرف ذلك أكثر من الجميع”. وختم لبيد خطابه بوصف الحكومة الحالية بأنها “مريضة وفاشلة”، معتبرًا أنها فقدت ثقة الجمهور ولم تعد قادرة على إدارة الدولة أو الحرب.
وفي رده على لبيد كرر نتنياهو تصريحاته بأن أمام “إسرائيل” فرص حقيقية لتوسيع دائرة السلام” في إشارة إلى إمكانية التطبيع مع دول عربية وإسلامية برعاية إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب.
وحذّر نتنياهو قائلاً: “المخططات لتدمير “إسرائيل” قائمة ولا تفرّق بيننا، نحن ملزمون أن نحدّ من الصراعات الداخلية. المصير لنا جميعًا. لا أحد سيمايز بيننا؛ إذا نفّذوا الخطة لإبادة “إسرائيل”. ودعا نتنياهو إلى كبح الخلافات الداخلية وربط مصير الأمن القومي بوحدة الصف في مواجهة التهديدات الخارجية.
المصدر: موقع عرب 48