المقاومة الفلسطينية تفرض خيارها في تبادل الأسرى مع الاحتلال

تحرر نحو 1700 أسير فلسطيني من سجني “عوفر” باتجاه رام الله و”كتسيعوت” باتجاه قطاع غزة، بموجب صفقة تبادل الأسرى التي دخلت حيز التنفيذ اليوم، فيما أفرجت كتائب القسام عن 20 أسيراً إسرائيلياً على قيد الحياة، على دفعتين، الأولى في مدينة غزة والثانية جنوب القطاع، حيث جرى تسليمهم إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي نقلتهم لاحقاً إلى الجانب الإسرائيلي.
ووصل العشرات من الأسرى الفلسطينيين المحررين إلى قصر رام الله الثقافي بعد الإفراج عنهم من سجن “عوفر”، حيث كان في استقبالهم حشد شعبي واسع من ذويهم والمواطنين، في أجواء احتفالية. كما عبرت عشرات الحافلات التي أقلّت أسرى من غزة، إضافة إلى آخرين مبعدين تم نقلهم إلى مصر بموجب بنود صفقة التبادل.
وبدأت عملية التبادل من جانب المقاومة صباح اليوم، إذ سلمت كتائب القسام سبعة أسرى إسرائيليين عند الساعة الثامنة صباحاً في مدينة غزة، تلتها دفعة ثانية شملت ثلاثة عشر أسيراً آخرين عند الساعة العاشرة والنصف صباحاً في جنوب القطاع، في إطار تنفيذ الصفقة مع الاحتلال الإسرائيلي.
وفي سياق متصل، كشفت تقارير إسرائيلية أن الدكتور حسام أبو صفية أُدرج ضمن القائمة الاحتياطية للمفرج عنهم، على أن يتم الإفراج عنه بقرار خاص من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الحرب يسرائيل كاتس، في حال عدم اكتمال العدد المحدد للأسرى الذين تشملهم الصفقة.
ونقلت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي عن مصادر تأكيدها أنه لم يعد هناك أي “رهائن” أحياء لدى حماس، فيما أكد المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن طواقم المنظمة نفذت عملية إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة.
وتشمل الصفقة الإفراج عن 250 أسيراً فلسطينياً من ذوي الأحكام المؤبدة والعالية، بالإضافة إلى 1700 معتقل من أبناء قطاع غزة الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال عقب السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، في خطوة وصفت بأنها الأكبر منذ سنوات من حيث عدد الأسرى المفرج عنهم.
وبدأت كتائب القسام عملية تسليم الأسرى الإسرائيليين إلى فريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تمام الساعة الثامنة صباح اليوم، وانتشر عناصر وحدة الظل التابعة للقسام في شوارع مدينة غزة لتأمين حركة فرق الصليب الأحمر وضمان سير عملية التسليم بسلاسة وأمان.
واحتشد مئات المواطنين في المدينة مرددين هتافات مؤيدة للمقاومة الفلسطينية خلال عملية تسليم الأسرى الصهاينة، وسط أجواء وطنية تعكس فرحة الشعب الفلسطيني بإنجاز صفقة التبادل.
كتائب القسام: الاتفاق ثمرة لصمود الشعب والمقاومة والاحتلال فشل في استعادة أسراه بالقوة
من جهتها ، أكدت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه جاء ثمرةً لصمود الشعب الفلسطيني وثبات مقاوميه، مشددةً على التزامها الكامل بما ورد فيه من جداول زمنية، ما دام الاحتلال ملتزماً بتنفيذه.
وأضافت الكتائب في بيانها أن المقاومة كانت حريصة منذ الأشهر الأولى للحرب على إيقاف “حرب الإبادة” التي يشنها الاحتلال، وسعت في أكثر من مناسبة إلى التوصل إلى تفاهمات إنسانية، غير أن العدو – بحسب البيان – أفشل كل الجهود بسبب “حساباته الضيقة وإشباعاً لغريزة الانتقام لدى حكومته النازية”.
وأشارت الكتائب إلى أن الاحتلال فشل في استعادة أسراه عبر الضغط العسكري، رغم تفوقه الاستخباري وفائض القوة التي يمتلكها، مؤكدة أن العدو “خضع أخيراً ليستعيد أسراه عبر صفقة تبادل كما وعدت المقاومة منذ البداية”.
وأكد البيان أن الاحتلال كان بإمكانه استعادة معظم أسراه أحياء منذ شهور طويلة، لكنه فضّل المماطلة والمكابرة، ما أدى إلى مقتل العشرات منهم نتيجة “سياسة الضغط العسكري الفاشلة”.
وخاطبت الكتائب الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال بالقول: “لقد قدّمت غزة ومقاومتها أغلى ما تملك، وسعت بأقصى طاقتها لكسر قيودكم، ونعاهدكم أن تبقى قضيتكم على رأس أولوياتنا الوطنية حتى تنالوا حريتكم جميعاً”.
وفي إطار صفقة طوفان الأقصى لتبادل الأسرى، أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام امس الإفراج عن الأسرى الصهاينة الأحياء التالية أسماؤهم: بار أبراهام كوبرشتاين، أفيتار دافيد، يوسف حاييم أوحانا، سيغيف كالفون، أفيناتان أور، إلكانا بوحبوط، ماكسيم هيركين، نمرود كوهين، متان تسنغاوكر، دافيد كونيو، إيتان هورن، متان أنغريست، إيتان مور، غالي بيرمان، زيف بيرمان، عمري ميران، ألون أوهل، غاي جلبوع-دلال، روم براسلافسكي، أريئيل كونيو.
حماس: الإفراج عن أسرى الاحتلال يعكس التزام المقاومة بالاتفاق وثباتها على عهدها لشعبها وأسرها
كما أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن كتائب الشهيد عز الدين القسام وفصائل المقاومة في قطاع غزة أفرجت اليوم عن عشرين أسيراً من جنود الاحتلال، وذلك في إطار تنفيذ المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب على قطاع غزة.
وأكدت الحركة في بيان رسمي أن هذه الخطوة تأتي تأكيداً لالتزام المقاومة بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه، مشددة على أهمية دور الوسطاء في ضمان التزام العدو الصهيوني بجميع بنود الاتفاق واستكمال تنفيذها وفق الجداول الزمنية المحددة.
وأوضحت حماس أن تحرير الأسرى الفلسطينيين، وبينهم أصحاب الأحكام المؤبدة والعالية الذين أمضوا عقوداً طويلة خلف القضبان، هو ثمرة بطولة وصمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ومقاومته الباسلة، ووفاءٌ من المقاومة بعهدها لأسرى الحرية، وتجسيد لإرادة التحرير التي لا تنكسر أمام “بطش النازيين الجدد”.
وأشار البيان إلى أن نتنياهو وجيش الاحتلال فشلا طوال عامين من “حرب الإبادة والتدمير” في استعادة الأسرى بالقوة، واضطرا في النهاية للرضوخ لشروط المقاومة، التي أكدت منذ البداية أن طريق عودة الجنود الأسرى لا يكون إلا عبر صفقة تبادل وإنهاء العدوان على غزة.
وأكدت الحركة أن المقاومة حرصت على الحفاظ على حياة الأسرى الإسرائيليين رغم محاولات الاحتلال المتكررة لاستهدافهم، في وقت يتعرض فيه الأسرى الفلسطينيون داخل سجون الاحتلال لأبشع الانتهاكات من تعذيب وتنكيل وقتل.
وختمت حماس بيانها بالتأكيد على أن قضية الأسرى ستبقى في صدارة الأولويات الوطنية للشعب الفلسطيني ومقاومته، وأن الشعب لن يهدأ له بال حتى يتم تحرير آخر أسير فلسطيني من سجون الاحتلال، وتحقيق الهدف الأسمى المتمثل في إزالة الاحتلال عن الأرض والمقدسات.