السيد الخامنئي: المفاوضات بالنسبة إلى الحكومات المتغطرسة وسيلة لطرح مطالب جديدة لن تُلبّى بالتأكيد

أكد قائد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي الخامنئي، في لقائه مع رؤساء السلطات الثلاث وجمع من مسؤولي الجمهورية الإسلامية في حسينية الإمام الخميني (قده) ان إصرار بعض الدول المتغطرسة على التفاوض، ليس لمعالجة القضايا، بل للسيطرة وفرض ما يريدون، وطرح مطالب جديدة، وهذه المطالب لن تُلبّيها إيران قطعًا.
كما وجّه السيد الخامنئي خطابه إلى الدول الأوروبيّة الثلاث التي تزعم أنّ إيران لم تفِ بالتزاماتها النوويّة وسألها إن كانت هي وفَت بالتزاماتها في الاتفاق، ثمّ أضاف قائلًا أن للوقاحة حدود.
وأعرب عن سروره بنشاط وزارة الخارجية، ومع تأكيده ضرورة توسيع التعاون مع دول الجوار وسائر الدول، قال سماحته: «تُصرّ بعض الحكومات والشخصيات المتغطرسة في الخارج على التفاوض، في حين لا يكون هدفها منه معالجة القضايا، بل إنها تسعى إلى فرض إرادتها وشروطها؛ فإن قَبِلَ الطرف المقابل، فبه، وإن لم يقبل، يثيروا الجلبة ويتّهموه بترك المفاوضات».
وأضاف قائد الثورة في هذا السياق قائلًا: «لا تقتصر قضيتهم على الملف النووي فحسب، بل يُعدّ التفاوض بالنسبة إليهم وسيلة ومسارًا لطرح مطالب جديدة، تشمل القدرات الدفاعية والدولية للبلاد، وفرض توقعات من هذا قبيل “لا تفعلوا كذا، ولا تلتقوا بفلان، يجب ألّا تتجاوز صواريخكم مدى معينًا! وهذه المطالب لن تقبل بها إيران أبدًا، ولن تتحقق».
ورأى أن تكرار الحديث عن «التفاوض» من قِبل الطرف المقابل يهدف إلى ممارسة الضغط على «الرأي العام»، قائلًا: «يريدون إثارة الشكوك لدى الرأي العام بشأن سبب امتناعنا عن التفاوض بالرغم من إعلانهم عن جاهزيتهم لذلك، في حين أنّ هدفهم ليس التفاوض، بل التحكم والإملاء».
كما أشار السيد الخامنئي إلى بيان الدول الأوروبية الثلاث الذي يدّعي عدم وفاء إيران بالتزاماتها النووية في «الاتفاق النووي»، وتابع قائلًا: «يجب أن يُسألوا: هل وفّيتم أنتم بتعهداتكم في الاتفاق النووي؟! منذ اليوم الأول لم يفوا هم بتعهداتهم، وبعد انسحاب أمريكا من الاتفاق، وبالرغم من الوعود التي قطعوها لتعويض ذلك، نكثوا بوعدهم مرتين».
ولفت إلى أنّ نكث الأوروبيين بالعهود، وفي الوقت ذاته اتهامهم إيران بانتهاك الاتفاق، يدلّ على شدة وقاحتهم، وأضاف: «لقد تحمّلت الحكومة آنذاك الوضع لمدة عام، ثم تدخّل مجلس الشورى الإسلامي وأصدر قرارًا، ولم يكن هناك خيار سواه، والآن أيضًا، لا يوجد خيار آخر أمامنا سوى مواجهة الكلام المتعجرف والتجبّر».
كما أشار السيد الخامنئي إلى فضيحة الحضارة الغربية بسبب ممارسة الغربيين للاستعمار ونهبهم ثروات الشعوب، وارتكابهم مجازر ضخمة، وادعاءاتهم الكاذبة بشأن حقوق الإنسان وحقوق المرأة، ومعاييرهم المزدوجة تجاه مختلف القضايا.
وأكد قائلًا: «حرية التعبير في الغرب ليست سوى كذبة، فلا يمكن، على سبيل المثال، في الفضاء الافتراضي التابع للغرب ذكر اسم الشهيد سليماني أو السيد حسن نصر الله أو الشهيد هنيّة، أو بعض الشخصيات البارزة الأخرى، ولا يمكن أيضًا الاعتراض على جرائم الصهاينة في فلسطين ولبنان».
ولفت قائد الثورة الإسلامية إلى أكاذيب الإعلام الغربي بشأن أوضاع إيران، قائلا: « هل يُذكر. في هذه الوسائل الإعلامية، شيء عن التقدم العلمي، أو التجمعات الشعبية الحاشدة، أو إنجازات الشعب والنظام الإسلامي، في الوقت الذي يسعون فيه دائمًا إلى تضخيم نقاط الضعف عشرة أضعاف؟!».
واستند إلى كلام بعض علماء الاجتماع الغربيين، قائلًا: «تتجه الحضارة الغربية يومًا بعد يوم نحو مزيد من الأفول، ولا يجوز لنا أن نتّبعها».
ورأى السيد الخامنئي أن تنامي شموخ الشعب يومًا بعد يوم، بالرغم من كلّ الدعايات السلبية التي يروّجها أعداء إيران، يُعدّ حقيقة دامغة، وأنّ الحفاظ على هذا الشموخ مرهون بتحرّك المسؤولين في المسار الصحيح، والتمسّك بالهوية.
وفي جزء آخر من كلمته الذي خُصّص لقضايا البلاد، تطرّق السيد الخامنئي إلى المشكلات الاقتصادية المستمرة منذ العقد الماضي حتى الآن، مؤكدًا أن الهدف الأساسي لتهديدات العدو المختلفة، بما فيها التهديدات الأمنية والاستخباراتية، هو من أجل التأثير على معيشة الناس، وتابع : «يسعى الأعداء إلى جعل الجمهورية الإسلامية عاجزة عن تأمين معيشة الناس؛ لذلك، فإن قضية المعيشة تُعدّ في غاية الأهمية، ويجب السعي الجاد إلى معالجتها».
ورأى أنه لا يمكن إنكار دور الحظر في خلق المشكلات الاقتصادية، وقال: «يُشكّل الحظر عاملًا أساسيًّا في بعض المشكلات، لكنه ليس كل القضية، فهناك تحديات أخرى لا علاقة لها بالحظر».
وفي كلامه حول بعض التوجهات والإجراءات اللازمة لحل المشكلات الاقتصادية، شدد قائد الثورة الإسلامية على ضرورة الانسجام الداخلي بين الأجهزة، سواء في داخل الحكومة أو تعاون السلطات الثلاث في ما بينها، وأضاف: «الشرط الأول للتقدم في الأمور هو الانسجام، ومن حسن الحظ، هناك انسجامًا جيدًا على المستويات العليا، ويجب أن يمتد هذا الانسجام أيضًا إلى المستويات الأخرى».
السيد الخامنئي أثنى على الكلمة الطيبة والمفيدة التي ألقاها رئيس الجمهورية، مثمّنًا دافعه وإحساسه العالي بالمسؤولية، وتابع قائلًا: «إنّ تأكيد السيد بزشكيان على الثقة بالله والقدرة على إنجاز الأعمال الكبرى، هو أمر فّعال للغاية».
وكان سبَق كلمة قائد الثورة الإسلامية، تقديم رئيس الجمهورية، الدكتور مسعود بزشكيان، في كلمته شرحًا عن آخر الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في مجالات الاقتصاد، السياسة الداخلية، والسياسة الخارجية».
الرئيس بزشكيان: الوحدة هي الكلمة الفصل
أكد رئيس الجمهورية الإيرانية، مسعود بزشكيان، اليوم السبت، أن الوحدة هي الكلمة الأولى والكلمة الفصل، مشددًا على ضرورة تضافر الجهود لمعالجة مشاكل المواطنين.
وأضاف في كلمته التي ألقاها في مستهل اللقاء الرمضاني للإمام الخامنئي مع كبار مسؤولي الدولة، أن بإمكاننا التغلب على جميع المشاكل. وتابع قائلًا: “الفرقة تحول دون تحقيق أهدافنا، ولا بد من التكاتف والتحلي بسعة الصدر لتقبل بعضنا البعض”.
وشدد رئيس الجمهورية على أن أي قوة لن تتمكن من النيل من شعب موحّد يسير خلف قائد واحد ويتجه نحو قبلة واحدة. وأضاف: “يجب ألا نتراجع أمام أي تهديد يطلقه الأعداء، فالوحدة هي السبيل لمواجهتهم، وإذا واصلنا السير في هذا الطريق، سنتمكن من الوقوف بوجههم بقوة”.
المصدر: وكالة ارنا