العدوان في يومه الـ 72… مجلس الحرب يبحث العودة إلى المفاوضات للتوصل لصفقة تبادل أسرى مع المقاومة
في اليوم الـ72 من العدوان على غزة، واصل جيش الاحتلال الاسرائيلي قصف مناطق متفرقة في القطاع، بالتزامن مع معارك عنيفة تخوضها المقاومة الفلسطينية، في حين يجتمع مجلس الحرب الإسرائيلي (الكابينيت) لبحث العودة إلى مفاوضات للتوصل لصفقة تبادل أسرى مع المقاومة، في دلالة واضحة على فشله في تحقيق أهدافة المعلنة واقراره بقوة المقاومة وصمودها.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم مقتل ضابط وجندي وإصابة ضابطين و3 جنود بجروح خطيرة في المعارك الدائرة في شمال وجنوب قطاع غزة. يأتي ذلك في ظل إعلان قناة الـ12 الإسرائيلية إن 20 جندياً قتلوا في معارك الشجاعية شرق مدينة غزة خلال الأسبوع الأخير فقط.
ومع التصدي البطولي للمقاومين في قطاع غزة، يتكبد جيش الاحتلال الإسرائيلي خسائر فادحة، إذ أعلن وصول عدد قتلاه حتى الخميس الماضي إلى 445 عسكرياً، منهم 119 ضابطاً، أي بنسبة تقارب 27% من عدد العسكريين القتلى.
وأعلنت سرايا القدس الذراع المسلح لحركة الجهاد الإسلامي أنها قصفت حشودا إسرائيلية في جحر الديك وشرق المغازي بالمنطقة الوسطى بقذائف هاون من العيار الثقيل، كما أعلنت عن قصف مستوطنتي صوفا وحوليت في غلاف غزة برشقات صاروخية. يأتي ذلك في حين أفادت مصادر إعلامية أن اشتباكات عنيفة بالرشاشات الثقيلة وقعت بين الاحتلال والمقاومين في محيط حي الشجاعية شرقي غزة.
وقد ارتفعت حصيلة الشهداء الفلسطينيين منذ بدء هذه الحرب إلى 18 ألفا و800 شهيد، والجرحى 51 ألفا، معظمهم من النساء والأطفال.
هذا واندلعت اشتباكات عنيفة شرقي مدينة خان يونس بين فصائل المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي سُمعت خلالها أصوات إطلاق نار وقصف مدفعي كثيف. كما شوهدت أعمدة دخان أسود تتصاعد من مواقع الاشتباكات، قبل أن تطلق الدبابات الإسرائيلية قنابل مضيئة في سماء المنطقة بشكل كثيف في محاولة للكشف عن مواقع مقاتلي المقاومة.
كما نقلت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي تقديرات في الجيش تشير إلى أن “حسم المعركة ضد كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في خان يونس جنوبي قطاع غزة سيستغرق أشهراً”، حسب زعمهم.
وفي وقت سابق، أعلن جيش العدو إصابة 35 جنديا خلال الـ24 ساعة الأخيرة، منهم 33 في المعارك الدائرة في غزة. من جهته، أوضح مستشفى سوروكا الإسرائيلي أنه استقبل خلال الـ24 ساعة الأخيرة 35 جندياً جريحاً، 8 منهم حالتهم خطيرة.
حادثة مقتل المحتجزين هزت أركان الجيش
وفي تصريحات للمتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي لشبكة “سي إن إن” الأميركية، قال الأخير إن “حادثة مقتل الأسرى الإسرائيليين في غزة هزت جميع أركان الجيش، وأصدرنا بيانا نتحمل فيه المسؤولية”.
وأضاف أن “الجنود خالفوا قواعد الاشتباك، وكان عليهم عدم إطلاق النار عند اقتراب المحتجزين”، موضحاً أن “حماس تستخدم كل الحيل لإرباك جنودنا وقتلهم، وذلك لعب دوراً في قتل المحتجزين”.
وتابع المتحدث أن “حماس تحاول استخدام مكبرات صوتية تبث تسجيلا بالعبرية لاستدراج جنودنا لكمين”، مشيراً إلى أن “جنودنا يعانون من الإرهاق وأعباء الحرب، وبعضهم يقاتل بالميدان منذ شهر ونصف الشهر”.
يأتي ذلك في وقت قالت فيه عائلات المحتجزين الصهاينة بعد لقاء غانتس وغالانت إن “القيادة ستفعل ما بوسعها لتأمين صفقة “رهائن” لكنها لم تقدم وعوداً واضحة”. وقالت عائلات المحتجزين إن مجلس الحرب فهم معنى أن تفقد عائلات ذويها “الرهائن” برصاص الجيش.
وفي سياق متصل، شهدت تل أبيب خلال الساعات الماضية، تظاهرة حاشدة لعائلات الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة في غزة للمطالبة بإبرام صفقة تبادل جديدة. وخرج مئات المستوطنين الصهاينة إلى الشوارع احتجاجًا على مقتل ثلاثة أسرى إسرائيليين، قال الإحتلال أنّهم قتلوا “عن طريق الخطأ” على يد جنود إسرائيليين في القطاع.
وتجمعت حشود كبيرة وسط تل أبيب وأغلقت طريقًا رئيسيًا، مطالبةً الحكومة بالعمل على إبرام صفقة تبادل والإفراج الفوري عن الأسرى في قطاع غزة. وحمل المتظاهرون لافتات تحمل أسماء وصور العديد من الأسرى الإسرائيليين، وتحركوا نحو مقر وزارة الحرب وهتفوا مطالبين بصفقت تبادل جديدة. ووجهوا انتقادات لحكومة الإحتلال الإسرائيلي ورئيسها بنيامين نتنياهو، منددين بعدم قيامها بما يكفي لإطلاق سراح الأسرى لدى حركة حماس.
إلى ذلك، أكّد المتظاهرون أنّ “التوصل إلى صفقة تبادل جديدة مثل تلك التي تم التوصل إليها في نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر، يمكن أن تحول دون وقوع حوادث مشابهة لتلك التي وقعت يوم أمس الجمعة”.
استهداف المدنيين ومنازلهم يتواصل…
هذا وأسفر قصف لجيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم الأحد استهدف منزلا في مخيم دير البلح للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى.
وأفادت مصادر إعلامية عن سقوط 60 شهيداً في غارات إسرائيلية على منازل شمالي قطاع غزة منذ صباح اليوم الأحد. في السياق، فقد تمّ انتشال 23 شهيداً من تحت أنقاض منزل عائلة في جباليا النزلة شمالي غزة جراء القصف الإسرائيلي، في وقت سبق أن وصل فيه 32 شهيداً إلى مركز جباليا الطبي منذ صباح اليوم. وسقط شهداء وجرحى في قصف مدفعي إسرائيلي على منازل بأحياء الزيتون والشجاعية والدرج والصبرة.
هذا وأفادت مصادر طبية لوكالة الأناضول أن نحو 12 فلسطينيا استشهدوا وأصيب نحو 20 آخرين في قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا بمخيم دير البلح، أغلبية سكانه نزحوا عن مدينتي غزة وخان يونس.
وسقطت قذيفة دبابة لم تنفجر على خيمة في ساحة مستشفى ناصر بخان يونس جنوب قطاع غزة، مما ادّى إلى إصابة اثنين من قاطني الخيمة.
هذا ويستمر انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت عن قطاع غزة لليوم الرابع على التوالي. وأمس السبت، قال مرصد “نت بلوكس” إنها المرة الخامسة التي يقطع فيها الاحتلال الإسرائيلي الاتصالات منذ بدء الحرب على القطاع المحاصر.
وفي سياق، جرائم الحرب المتواصلة التي يرتكبها العدو بحق الغزيين، دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إلى فتح تحقيق دولي مستقل فيما يخص قيام جيش الإحتلال بدفن مصابين وفلسطينيين وهم أحياء، في ساحة مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا شمال قطاع غزة. ونبّه بيان المرصد إلى أنّ “مستشفى كمال عدوان شهد انتهاكات فظيعة استهدفت المرضى والنازحين والطواقم الطبية خلال 9 أيام من حصاره من قبل القوات الإسرائيلية”.
وقال البيان إنّ “الجيش الإسرائيلي قصف قسم الولادة وقتل سيدتين وطفليهما وبتر أقدام سيدة ثالثة، وتم توثيق وفاة مسن نتيجة الجوع والعطش داخل المستشفى ووفاة آخر بعدما أطلقت القوات الإسرائيلية تجاهه أحد كلابها”.
من جانبه، تحدث مدير عام وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة منير البرش، أمس السبت، عن كارثة اإنسانية ارتُكبت داخل المستشفى، وقال إنّ “الجيش الإسرائيلي حوّل مستشفى كمال عدوان إلى ثكنة عسكرية، وتعمد إذلال الكوادر الطبية والجرحى، ودمّر الجزء الجنوبي وقمع الطواقم الطبية”. ولفت البرش إلى أنّ “12 طفلًا ما زلوا موجودين داخل الحاضنات بالمستشفى من دون ماء ولا غذاء، بعدما منع الجيش الإسرائيلي إجلاءهم”.
بدورها، دعت وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، لإجراء تحقيق دولي في معلومات عن دفن جيش الاحتلال “الإسرائيلي” مواطنين أحياء في ساحة مستشفى كمال عدوان، شمال قطاع غزة.
وقالت الكيلة في بيان إن المعلومات والشهادات من المواطنين والطواقم الطبية والإعلامية تشير إلى قيام الاحتلال بدفن مواطنين أحياء في ساحة المستشفى، بعضهم شوهدوا أحياءً قبل حصارهم من قبل الاحتلال. وتابعت أن “على العالم التحرك الجدي لكشف ملابسات هذا الملف، وعدم التهاون أو السكوت على المعلومات التي ترد من قطاع غزة”.
وذكرت وزيرة الصحة أن الاحتلال تعمد إخراج الجرحى من مستشفى كمال عدوان إلى العراء في ظل أجواء البرد الشديد واعتدى، على الكوادر الطبية.
من جهتها، قالت منظمة الصحة العالمية إن “قسم الطوارئ في مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة تحول إلى حمام دم، وبات يحتاج إلى إعادة تأهيل بعد تعرضه لأضرار بالغة جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي”.
وأضافت المنظمة في بيان لها أن “خدمات الطوارئ أصبحت حمام دم، مع وجود مئات المرضى المصابين داخله ووصول مرضى جدد في كل دقيقة”، مشيرة إلى أن وسائل تخفيف الألم محدودة جدا وحتى غير متوفرة.
انتقادات
من جهة ثانية، وفي سياق التطورات السياسية للحرب المتوصلة في غزة، نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مسؤول أميركي رفيع قوله إنه “مع تدهور الأوضاع في غزة بدأنا نسمع انتقادات من أصدقائنا من جميع أنحاء العالم”.
من جهته، وزير خارجية الكيان إيلي كوهين قال إنه “ليس لدينا خيار سوى الانتصار في الحرب على حماس من أجل استقرار المنطقة”، حسب زعمه. وأضاف أن “الدعوة إلى وقف إطلاق النار خاطئة وستكون مكافأة لحماس”، مشيراً في وقت يجتمع فيه مجلس الحرب لبحث عودة المفاوضات مع المقاومة كسبيل وحيد لإعادة المحتجزين، إلى أنه “سنواصل الحرب حتى القضاء على حماس والإفراج عن الرهائن وتغيير الواقع في قطاع غزة”، على حد تعبيره،
من جهة ثانية، قال كوهين إنه “هناك فرصة لتفادي الحرب في لبنان”، زاعماً أنه “إذا فشل المجتمع الدولي بإبعاد حزب الله عن الحدود فسنتصرف وحدنا”.
باريس تطالب بهدنة فورية ومستدامة في غزة
وطالبت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا “بهدنة جديدة فورية ومستدامة في قطاع غزة”.
وخلال مؤتمر صحفي مع وزير خارجية العدو إيلي كوهين في تل أبيب صباح اليوم، قالت كولونا “قُتل الكثير من المدنيين”، مشددة على عدم وجوب نسيان من وصفتهم “بضحايا الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي”، حسب زعمها.
بوليتكيو: إدارة بايدن تبحث الرد على الجيش اليمني
نقل موقع بوليتيكو الأميركي عن مسؤولين أميركيين، تأكيدهم أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تبحث خيارات للرد على الجيش اليمني إثر هجمات أمس السبت على سفن بالبحر الأحمر، حسب قول الموقع.
وسبق أن هاجم الجيش اليمني سفناً للعدو، واقتادت بعضها إلى الموانئ اليمنية. ولاحقا، أعلنت الجماعة عن إستراتيجية تقضي بمنع وصول سفن الشحن إلى الأراضي المحتلة بغض النظر عن جنسية السفينة والجهة التي تديرها، وذلك في سياق الوقوف إلى جانب قطاع غزة وأهله ومقاومته في التصدي للعدوان الاسرائيلي الهمجي.
يأتي ذلك في وقت ذكرت فيه وكالة رويترز نقلاً عن رئيس قناة السويس أن 55 سفينة تمت إعادة توجيهها عبر رأس الرجاء الصالح منذ 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.