تحليلات “إسرائيلية”: المرحلة المقبلة للحرب داخل مدينة غزة ستكون أصعب وأخطر
“المرحلة المقبلة في أحياء مدينة غزة ستكون أكثر تعقيدا وخطورة من المرحلة الأولى، وهنا ستبدأ قصة مختلفة كليا”. وقياسا بعدوان 2009، “قوة حماس تزايدت ومنظوماتها الدفاعية تحسنت، وخاصة شبكة الأنفاق”، و”احتمال ضئيل حاليا لصفقة تبادل كاملة”
حذر محللون عسكريون اليوم، الثلاثاء، بعد أربعة أيام على بدء الاجتياح البري “الإسرائيلي” في قطاع غزة، مساء يوم الجمعة الماضي، من أن المرحلة المقبلة من الحرب وتعميق توغل قوات الاحتلال في القطاع ستكون أصعب، ومن أنه يتوقع أن يتمكن مقاتلو حركة حماس من تحقيق “نجاحات تكتيكية”، وذلك في ظل نشوة “إسرائيلية” في أعقاب الدمار الهائل الذي ألحقته حتى الآن وبتحرير مجندة أسيرة في عملية عسكرية، أمس.
وأشار المحلل العسكري في صحيفة “معاريف”، طال ليف رام، إلى أنه يريد من التحذيرات التي أوردها أن تكون “نوعا من تنسيق التوقعات” حيال الحرب. وأضاف أن التحذير الأول هو أنه “إلى جانب نجاحات المرحلة الأولى في العمليات البرية، فإنه في هذا النوع من القتال ستكون هناك أيضا نجاحات تكتيكية مؤلمة للعدو، ولكن أخطاء وإخفاقات أيضا، ستجبي ثمنا بالأرواح”.
ولفت إلى أن “المرحلة المقبلة في أحياء مدينة غزة ستكون أكثر تعقيدا وخطورة من المرحلة الأولى، التي عبرت فيها ألوية الجيش “الإسرائيلي” بشكل جيد مناطق القرى والمدن الصغيرة في الطريق إلى مدينة غزة. وهنا ستبدأ قصة مختلفة كليا”.
والتحذير الثاني وفقا لليف رام، يتعلق بأهداف الحرب. والهدفان اللذان حددهما المستوى السياسي “كبيران جدا، وهما القضاء على قدرات حماس العسكرية والسلطوية وإعادة المخطوفين”. ورأى أن “استمرارا ناجحا جدا للاجتياح البري في شمال القطاع وإنجازات ضد مركز أعصاب حماس في مدينة غزة لا يضمن تحقيق كلا الهدفين، اللذين يسعون في إسرائيل إلى الربط بينهما. ولكن من الجائز أيضا أن يكون الوضع معاكسا، بحيث يعرقل هدف واحد الهدف الآخر”.
وتابع أن “هذه الأمور كلها تتطلب وقتا طويلا، وثمة شك إذا سيكون لدى “إسرائيل” كل هذا الوقت الذي تسعى إلى استنفاده. وبالأمس، بعدما تبدد غبار المعركة قليلا، تبين أن الجيش “الإسرائيلي” أصبح موجودا في عمق القطاع”.
وأضاف ليف رام أنه كلما عمّق جيش الاحتلال توغله إلى المناطق الفلسطينية الحضرية وجرت إعادة شبكة الإنترنت بين حين وآخر، تزايدت التقارير والصور من غزة، “لكن سيجري كل شيء الآن بشكل أبطأ داخل المنطقة الحضرية المعقدة التي يوجد لحماس فيها أيضا أنفاق دفاعية كثيرة، إلى جانب فتحات أنفاق تضررت إثر انهيار مبان عليها أو استهدفت بغارات سلاح الجو. وغالبية النيران التي أطلِقت من القطاع في الأيام الأخيرة هي قذائف هاون، بهدف استهداف القوات “الإسرائيلية””.
وأشار إلى أن “أهداف الحرب مع حماس ليست متعلقة بالنتائج والإنجازات الميدانية فقط، وذلك إثر تعقيدات قضية المخطوفين في غزة”، وفيما تنشر حماس صورا لهم. “وفي أوضاع كهذه، لا شك في أن الخاطفين يسيطرون على طبيعة الرسائل التي تخدم حماس في الأهداف التي تسعى لتحقيقها. والانتقادات التي وجهتها إحدى المخطوفات بشكل مباشر إلى رئيس الحكومة وأداء الجيش، تتلاءم مع الانتقادات الحقيقية التي تعالت من جانب الجمهور “الإسرائيلي” وهي موجودة بالتأكيد لدى المخطوفين. ويرجح أنه في الأقوال الغاضبة للمخطوفين زرعت حماس اتهامات تجاه نتنياهو كمسؤول عن المجزرة بالمواطنين”.
وبحسب ليف رام، فإن التوقعات في “إسرائيل” هي أن حماس ستستمر في نشر صور وأشرطة مصورة أخرى للأسرى “الإسرائيليين”، بهدف زيادة الضغط على القيادة “الإسرائيلية” ومحاولة وقف استمرار تقدم قوات الاحتلال ووقف الضغط على مدينة غزة.
وأشار إلى أنه “من وراء الكواليس، حتى الآن، يصعب رصد تفاؤل في الجانب “الإسرائيلي” أو مؤشرات على تقدم ملموس في المفاوض (حول تبادل أسرى). و”إسرائيل” لا تزال تتمسك بموقفها بأنه كلما تزايد الضغط العسكري، تتزايد احتمالات التوصل لصفقة، لكن في جهاز الأمن يشككون بالقدرة على تحقيق اتفاق شامل لتحرير جميع المخطوفين بنبضة واحدة، ويرون أن الإمكانية المعقولة أكثر هي تحرير نساء وأطفال”.
من جانبه، رأى المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، أن الوضع “سيكون أصعب لاحقا. وحركة القوات تُذكّر بالعملية البرية التي نفذها الجيش “الإسرائيلي” في عملية الرصاص المصبوب في القطاع، في العام 2009. لكن ثمة فرقين بارزين قياسا بالعملية العسكرية قبل 14 عاما. الأول هو تزايد قوة حماس منذئذ وحسّنت منظوماتها الدفاعية، وخاصة شبكة الأنفاق”.
والأمر الثاني هو أن “الحكومة والجيش (الإسرائيليين) قررا هدفا كبيرا، هو القضاء على حكم حماس وقدراتها العسكرية. ومثلما أشار الضباط الأميركيين لنظرائهم “الإسرائيليين”، فإنه لا يزال من غير الواضح كيف تتلاءم هذه العمليات مع هذا الهدف، الذي وضع سقف توقعات مرتفع للغاية لدى الجمهور “الإسرائيلي””.
ويعتبر وزير الأمن، يوآف غالانت، وقادة الجيش “الإسرائيلي” أن الحرب على غزة ستستمر لفترة غير محدودة. لكن هرئيل أشار إلى أن “الدعم الغربي “لإسرائيل” محدود الضمان. وهو مشروط بامتناع “إسرائيل” عن خرق القيود التي فرضها بايدن: احترام القانون الدولي، الحفاظ على ممرات إنسانية لحماية المدنيين الفلسطينيين والامتناع عن احتلال القطاع”.
وأضاف أنه “في وقت ما، سينتهي التسامح الغربي (تجاه “إسرائيل”) على إثر التقارير حول معاناة السكان الفلسطينيين في غزة. وينبغي أن نرى أيضا إذا كانت الفترة الزمنية الواقعية للعملية العسكرية ستمتد لأشهر أم لأسابيع فقط”.
وبحسب هرئيل، فإن “الاحتكاك العسكري منخفض نسبيا. وقد يكون هذا مرتبط بقرار حماس ألا تدخل في مواجهة في أماكن تكون مكشوفة فيها. ومن الجهة الأخرى، يوجد لقوة أنصار تدافع عن نفسها نقطة ضعف بإمكانها أن تستغلها، بواسطة مناطق ملغمة، تفجير متعمد لأنفاق وإطلاق قذائف مضادة للدبابات”.
وفي ما يتعلق بصفقة تبادل أسرى، أشار هرئيل إلى أن “احتمال صفقة كاملة، أي جميع المخطوفين مقابل جميع الأسرى الفلسطينيين، ليس مرتفعا في هذه المرحلة”.
وأضاف هرئيل أن حزب الله وحماس في لبنان “وسّعتا إطلاق القذائف الصاروخية باتجاه بلدات “إسرائيل” واقعة جنوب خط روش بينا – نهريا. وهذه نقطة خطيرة في المواجهة، على خلفية توسيع عمليات الجيش “الإسرائيلي” في قطاع غزة، وقد تخرج الأمور عن السيطرة في الشمال أيضا. وينبغي الانتباه إلى تواجد حزب الله في الجولان السوري (المحرر) أيضا، حيث يستخدم ميليشيات شيعية لاحتياجاته”.
المصدر: عرب 48