مأساة الأميرة “فاطمة” والحُجّاج.. كيف وصل الكنز العربي إلى أمريكا؟
سلّط العثور على عملات قديمة بنقش عربي في منطقة نيو إنغلاند غي شمال شرق الولايات المتحدة في عام 2014 الضوء على جريمة دموية بشعة تعرض لها حجاج مسلمون أواخر القرن السابع عشر.
ذلك الملف الدامي فتح بعد أن عثر جيم بيلي وهو خبير مهتم بالآثار ومتخصص في مجال علم الأجناس، بواسطة جهاز للكشف عن المعادن في حديقة بولاية رود آيلاند في منطقة نيو إنغلاند، بشرق الولايات المتحدة الأمريكية، على عملات نقدية قديمة، بينها عملة فضية عربية من القرن 17، تبين لاحقا أنها سُكت في اليمن في عام 1693.
في أوقات لاحقة اكتشف منقبون آخرون 15 قطعة نقدية عربية أخرى من نفس الحقبة، 10 منها في ولاية ماساتشوستس، وثلاثة في رود آيلاند واثنتان في ولاية كونيتيكت، وكلها ضمن منطقة نيو إنغلاند.
كنز العملات العربية بالمنطقة أثار حيرة العلماء لاستبعاد وجود إمكانية لتعاملات تجارية حينها بين الأوروبيين الذين استعمروا أمريكا الشمالية ومنطقة الشرق الأوسط.
في زمن أبعد ارتكبت جريمة بشعة ضد الحجاج، وكان ذلك في 7 سبتمبر عام 1695، حين داهمت السفينة “فانسي” بقيادة قرصان بريطاني يدعى هنري أفيري قبالة السواحل اليمنية، عند مضيق باب المندب سفينة اسمها “جانج آي ساواي”، كانت تابعة للسلطان أورنكزيب، أبو المظفر محيي الدين محمد أورنك زيب عالمكير، آخر سلاطين مغول الهند الكبار.
السفينة كانت عائدة من الجزيرة العربية بعد أن أدى ركابها وكانوا من الوجهاء وبينهم شخصيات كبيرة بمن فيهم “فاطمة” ابنة هذا السلطان الذي كان يعد في ذلك الوقت من أقوى الحكام في العالم.
السفينة لم تكن تقل فقط حجاجا من عائلات ثرية، بل وكانت تحمل ثروة كبيرة من الذهب والفضة، تصل قيمتها الحالية إلى عشرات الملايين من الدولارات.
هذا القرصان البريطاني الذي اشتهر بدمويته وعنفه، عد صاحب حظ كبير، ووصف بأنه أحد أنجح القراصنة في تلك الحقبة. كان من بين قراصنة نشطوا في مختلف بحار الأرض وخاصة في المياه الإفريقية وجنوب آسيا في القرن السابع، وهؤلاء كانوا في العادة يعملون لصالح دول بحرية قوية متنافسة.
سيطر القراصنة على سفينة الحجيج السلطانية لمدة أسبوع كامل، وتعرض الركاب بمن فيهم النساء لأبشع أنواع التعذيب والإذلال، وقامت العديد من الشابات المسلمات بإلقاء أنفسهن في البحر لتجنب العار، وأخريات طعن أنفسهن بالخناجر.
القرصان الكبير أفيري نال النصيب الأكبر من حصيلة النهب بما في ذلك فاطمة ابنة سلطان مغول الهند، وقيل إنه في البداية أراد أن يجعل منها مع شخصيات أخرى رفيعة، رهائن على أمل الحصول على فدية كبيرة.
طباع القرصان الشرسة تمكنت منه في النهاية فقام، بحسب إحدى الروايات، باغتصاب فاطمة ثم قتلها. ورغم تعدد الروايات بشأن مصيرها إلا الأنباء الموثوقة عنها انتهت بعد اللقاء المشؤوم بالقراصنة.
توعد سلطان مغول الهند البريطانيين، ولم يكونوا أقوياء في ذلك الوقت ولا تغرب الشمس عن إمبراطوريتهم، فوضعوا مكافأة لمن يأتيهم برأس القرصان أفيري قدرها 500 جنيه إسترليني، ووعد سلطان المغول العظيم بجائزة مماثلة، إلا أن هذا القرصان اختفى عن الأنظار تماما.
طارده الكثيرون للحصول على الجائزة أو طمعا في الكنوز التي سرقها. جرى القبض على العديد من قراصنته، إلا أن آخرين بمن فيهم أفيري جابوا الافاق بأسماء وألقاب مستعارة، وانتهى بهم المطاف في منطقة نيو إنغلاند ونورث ونورث كارولينا وبنسلفانيا وبرمودا.
افيري انتقل إلى أمريكا الشمالية تحت قناع تاجر عبيد، وسكن شرق البلاد، ولم يهنأ بما سرق حيث تعرض لمن هم مثله وفقد كل ما يملك ومات في فقر مدقع.
سارة سبورتمان، وهي عالمة آثار من ولاية كونيتيكت، حيث تم العثور عام 2018 على إحدى العملات المعدنية العربية من القرن 17 صرّحت قائلة: ” يبدو أن بعض أفراد فريقه كانوا قادرين على الاستقرار في نيو إنغلاند والاندماج”، مضيفة في توصيف تلك الأحداث :” كان الأمر أشبه بمخطط لغسل الأموال”.
المصدر: RT