اكتشاف تفاصيل “مخفية” في لوحات مصرية قديمة بعد أكثر من 3000 عام
كشف تحليل جديد بالأشعة السينية للوحة للفرعون المصري رمسيس الثاني عمرها 3000 عام عما يشتبه علماء الآثار في أنه “لمسات غريبة” تم إجراؤها على العمل الفني على مر السنين.
ويقول علماء من المركز الوطني للأبحاث العلمية في فرنسا إن مصر القديمة لا تعرف كلمة “فن”، مضيفين أن الحضارة ربما كانت “رسمية للغاية” في تعبيرها الإبداعي، بما في ذلك أعمال الرسامين في الكنائس الجنائزية.
وأشار علماء الآثار إلى أن التحليل العلمي للرسوم المصرية القديمة في الماضي كان يتم في الغالب في المتاحف، في حين أن الأسطح المرسومة، المحفوظة في الكنائس والمعابد الجنائزية، ظلت “بعيدة بعض الشيء” عن الدراسات الدقيقة.
وباستخدام نوع جديد من الماسح الضوئي المحمول بالأشعة السينية، تمكن العلماء من دراسة اللوحات في موقع رمسيس الثاني (حوالي 1279 قبل الميلاد إلى 1213 قبل الميلاد) في قبر نختامون، الكاهن المسؤول عن التجهيز اليومي للمذابح في عهد الفرعون.
وفي بقايا مدينة الأقصر بمصر، وجد العلماء تفاصيل جديدة في لوحات “مننا”، الذي يُعتقد أنه كان مسؤولا عن الإنتاج الزراعي للمدينة القديمة.
وكشفت الدراسة التي نُشرت في مجلة PLoS One يوم الأربعاء 12 يوليو، أن علامات “اللمسات الفنية” التي تمت على هذه اللوحات بمرور الوقت تكشف ما يبدو أنه ترخيص فني مارسه الرسامون القدامى.
ودرس العلماء لوحة الفرعون رمسيس الثاني في قبر نختتمون بالقرب من طيبة (الأقصر حاليا) التي تُظهر أن الفرعون لديه لحية خفيفة على وجهه ويواجه شخصية لا يمكن رؤية ملامحها بشكل جيد.
ودفع هذا العلماء السابقين إلى اقتراح أن اللوحة تشيرإلى حزن الفرعون على وفاة والده الفرعون سيتي الأول (حكم حوالي 1294 قبل الميلاد إلى 1279 قبل الميلاد)، لكن المسح الجديد للصورة يشير إلى خلاف ذلك.
وباستخدام نسخة محمولة من التصوير الفلوري بالأشعة السينية (XRF)، وهي تقنية تستخدم الأشعة السينية لتحديد التركيب الكيميائي لجسم ما، قام الفريق بمسح لوحة رمسيس الثاني وأعمال فنية أخرى من المقبرة، وكشفوا عن تفاصيل لم تكن واضحة للعين المجردة.
وأوضح الفريق أن غطاء الرأس والقلادة والصولجان في صورة رمسيس الثاني يبدو أنه “أعيدت صياغتها بشكل كبير”، على الرغم من بقائها غير مرئية للعين المجردة.
وأمكنهم أيضا العثور على شذوذ خفي آخر في اللوحة تمت مناقشته مسبقا بالتفصيل لأنه يُظهر تمثيلا نادرا، ولكن دقيقا، لفرعون بلحية ناشئة.
وبينما يُنظر إلى اللحية على ذقن رمسيس الثاني في هذه الصورة على أنها رمز مرئي للحزن، مرتبط افتراضيا بوفاة والده وصعوده إلى العرش، فإن الفحص الدقيق يكتشف أن الشخص أمامه في اللوحة هو الإله بتاح، وليس والده المتوفى سيتي الأول.
وكشف تحليل جديد للوحة أيضا عن تفاحة آدم البارزة لرمسيس، وهي تفاصيل، وفقا لعلماء الآثار، “من المثير للاهتمام أنها لم تظهر أبدا في الفن المصري القديم”.
وفي قبر مننا، يقولون إن موضع الذراع ولونها تم تعديلهما. ووجد تحليل الأشعة السينية الجديد أصباغا استخدمت لتمثيل لون البشرة الذي يختلف عن تلك التي تم تطبيقها لأول مرة على هذه اللوحات.
ومع ذلك، يشير العلماء إلى أن الغرض من هذه “التغييرات الطفيفة” ما يزال غير مؤكد، لكنهم كانوا يشتبهون في أن الرسامين القدامى، بناء على طلبات الأفراد الذين كلفوا بأعمالهم، ربما قاموا ببعض هذه التغييرات.
وبدلا من ذلك، وضع علماء الآثار نظرية جديدة مفادها أن الفنانين، بمبادرتهم الخاصة، ربما أضافوا “لمسات شخصية” إلى الأشكال التقليدية مع تغير رؤيتهم للأعمال.
وتسلط النتائج الضوء بشكل قاطع على الرؤى الجديدة التي يمكن أن يحصل عليها علماء الآثار من استخدام مثل هذه الأدوات المحمولة للتحليل والتصوير الكيميائي غير المدمر في الموقع.
وأشارت الدراسة إلى أن التحليل الكيميائي الذي أجراه العلماء في الموقع جنبا إلى جنب مع عمليات إعادة البناء الرقمية الثلاثية الأبعاد للأعمال يمكن أن يجعل من الممكن استعادة الأشكال الأصلية.
وتوضح الدراسة الجديدة أيضا أن الفن الفرعوني المصري القديم وظروف إنتاجه ربما كانت أكثر ديناميكية وتعقيدا مما كان يُعتقد في السابق.
وفي الدراسات المستقبلية، يأمل الفريق في تحليل المزيد من اللوحات في الموقع للبحث عن علامات جديدة للحرفية والهويات الفكرية للكتبة الرسامين المصريين القدماء.
المصدر: إندبندنت