تجدُّد الاشتباكات رغم الهدنة.. مقتل مئات المدنيين وفرار آلاف من الخرطوم
لليوم السادس على التوالي يشهد السودان اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع راح ضحيتها 270 مدنياً على الأقلّ وسط تبادل الطرفين اتهامات ببدء كل منهما هجوماً على مقارّ تابعة للآخر، فيما تستمرّ الجهود الدولية الرامية إلى وقف إطلاق النار.
قُتل أكثر من 270 مدنياً في المعارك الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، منذ السبت، حسبما أعلنت الأربعاء سفارات 15 دولة غربية في الخرطوم في بيان مشترك، محذّرة من أنّ هذه ليست سوى “حصيلة مؤقتة”.
وكانت الأمم المتحدة أفادت مساء الاثنين بمقتل نحو 200 شخص، فيما أعلنت نقابة أطباء السودان الخميس، ارتفاع عدد القتلى المدنيين جراء الاشتباكات إلى 198.
وتجدّدَت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في العاصمة الخرطوم فجر الخميس، رغم الهدنة المتفَق عليها بين الطرفين، ودوّت أصوات انفجارات في محيط مقرّ القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم، مع تصاعد لأعمدة الدخان جراء اشتباكات.
ويأتي تَجدُّد الاشتباكات رغم هدنة اتفق عليها الطرفان بدأت في الساعة السادسة مساء الأربعاء بالتوقيت المحلي (16:00 بتوقيت غرينتش) لمدة 24 ساعة، “بغرض تيسير النواحي الإنسانية” .
وأعلن الجيش السوداني الخميس، سيطرته على قاعدة عسكرية تابعة لقوات “الدعم السريع” شمال غربي البلاد، و أفاد الجيش في بيان مقتضَب بأن “القوات المسلحة استولت على قاعدة الشيفرليت في المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا”.
وأشار إلى أن القاعدة “تُعتبر من أكبر خطوط الإمداد للعدو”. ونشر الجيش عبر منصة فيسبوك فيديو قال إنه لـ”استيلاء قواته على القاعدة الهامة”.
ودفعت الاشتباكات آلاف السودانيين إلى الفرار من الخرطوم والنزوح إلى الولايات المجاورة، وسط المعارك الدائرة بين الطرفين منذ أيام، فيما أعلنت تشاد أن نحو 320 جندياً سودانياً فرّوا الأحد من المعارك الدائرة في بلدهم وعبروا الحدود إلى تشاد حيث سلّموا أنفسهم للجيش التشادي.
وتتبادل قوات الجيش السوداني بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) الاتهامات ببدء كليهما الهجوم على الآخر، كما تتضارب التصريحات بشأن مواقع سيطرة كل طرف.
والأربعاء أعلن الجيش أنه يقاتل قوات الدعم السريع حول أحد فروع البنك المركزي، مشيراً إلى أنّ “مبالغ خيالية سُرقت”، وذلك بعد ساعات من إعلان هدنة بين الطرفين لم تصمد طويلاً، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
مستشفيات خارج الخدمة
وقصفت القوات الجوية والمدفعية من الجانبين تسعة مستشفيات في الخرطوم، وفي المجمل خرج 39 من أصل 59 مستشفى في المناطق المتضررة جراء القتال عن الخدمة أو أُجبرَت على الإغلاق، وفق ما أفاد به أطباء، سواء بسبب نفاد المعدات أو احتلال المقاتلين لها أو بسبب عدم تَمكُّن أفراد الطواقم الطبية من العودة لتولي مهامهم.
وبدأت الممثليَّات الدبلوماسية في السودان نقل رعاياها خارج البلاد خوفاً على أرواحهم، بخاصة بعد تَعرُّض قافلة دبلوماسية أمريكية لإطلاق نار الاثنين وتَعرُّض سفير الاتحاد الأوروبي “لاعتداء في مقرّ إقامته” بالخرطوم، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن دبلوماسيين.
جهود عربية-أوروبية لوقف إطلاق النار
في السياق نفسه أعلن ممثل السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل مساء الأربعاء، أنه بحث مع أمين عامّ جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، الوضع في السودان.
وقال بوريل عبر تويتر: “بحثت مع أمين عامّ جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الوضع في السودان”، وأضاف: “اتفقنا على تعزيز الجهود الجماعية للدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار”، بلا مزيد من التفاصيل.
كما دعت دول اللجنة الرباعية الدولية، أطراف الصراع إلى وقف القتال والعودة إلى الحوار.
جاء ذلك في بيان “الرباعية الدولية” التي تضمّ السعودية والإمارات والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، الذي نشرته السفارة الأمريكية في الخرطوم.
وقال البيان: “سفراء السعودية والإمارات وأمريكا وبريطانيا يحثّون أطراف الصراع السودانية على وقف القتال والعودة إلى الحوار”، وأكد ” دعمهم جهود الآلية الثلاثية للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية (إيغاد)”.
وحث سفراء “الرباعية الدولية” أطراف الصراع على “التزام سلامة وحماية المدنيين والبعثات الدبلوماسية والعاملين في المجال الإنساني، وتوفير ممرات آمنة للعمليات الإنسانية”.
ومنذ 15 أبريل/نيسان الجاري يشهد السودان اشتباكات بين الجيش و“قوات الدعم السريع” في الخرطوم ومدن أخرى، وتبادل الطرفان اتهامات ببدء كليهما هجوماً على مقارّ تابعة للآخر بالإضافة إلى ادعاءات السيطرة على مواقع تخصّ كلاً منهما.
وعام 2013 شُكّلت “الدعم السريع” لمساندة القوات الحكومية في قتالها ضد الحركات المسلحة المتمردة في إقليم دارفور، ثم تولت مهامّ منها مكافحة الهجرة غير النظامية على الحدود وحفظ الأمن. لكن سرعان ما تحولت إلى اشتباكات بينهما دفعت الجيش إلى وصف قوات الدعم السريع بـ”المتمردة”، وتوعد قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) بـ”ملاحقته وتقديمه للعدالة”.