صراع بين “غولين أوروبيين” يتسبب بـ”تحطم السيارة النووية”

يلقي عملاقا الاتحاد الأوروبي بثقليهما داخل القارة بسبب تضارب مصالحهما، وقد يكون ذلك سيئًا ليس فقط لوحدة الكتلة الهشة للاتحاد أصلا، ولكن أيضًا لمحاولته قيادة العالم في مكافحة تغير المناخ.

واعتبرت صحيفة “بوليتيكو”، اليوم الاثنين، أن عمليتي إفساد في بروكسل (مقر الاتحاد الأوروبي) أحدهما مدفوعة بمحاولة ألمانيا في اللحظة الأخيرة لتعديل خطة الاتحاد الأوروبي لحظر المحركات التي تعمل بالاحتراق، والآخر بسبب محاولات فرنسا لإدراج الطاقة النووية في تشريع جديد للطاقة النظيفة، والدولتان، حسب “بوليتيكو”، تحولان الانتباه عن مهمة الاتحاد الأوروبي للاعتماد على التكنولوجيا النظيفة التي تأمل بروكسل أن تبقي أوروبا قادرة على المنافسة في سباق عالمي مع الولايات المتحدة والصين.

وفي قمة المجلس الأوروبي التي عقدت الأسبوع الماضي، من الواضح أن السلوك السيئ “للغولين العملاقين”، حسب تعبير “بوليتيكو”، بدأ يثير أعصاب الأعضاء.

ففي اجتماع القادة، انتقد رئيس وزراء لاتفيا كريشانيس كاريش قرار ألمانيا بعرقلة الاتفاق على مستوى الاتحاد الأوروبي بشأن حظر محركات الاحتراق ووصفه بأنه “محير”.

وقال وزير من إحدى دول الاتحاد الأوروبي، لم يرغب في الكشف عن هويته للصحيفة من أجل التحدث بصراحة عن المسألة الدبلوماسية الخلافية: “هذا أمر مزعج حقًا للجميع”.

وقال الوزير إن “معارك فرنسا أولية بشأن الطاقة النووية وكانت مشكلة كبيرة وعطلت أيضًا قرارات أخرى، أما بالنسبة للألمان وسياراتهم، فالهروب من صفقة تم عقدها بالفعل بشأن شيء بهذه الأهمية ليس مفيدا للغاية”.

أعتقد أن العديد من البلدان تهز رؤوسها ولا تصدق حقًا ما يحدث.

إشارة سلبية

وأعرب كاريش علنًا عن قلق أثاره العديد من الدبلوماسيين على انفراد: إذا شعرت ألمانيا أن بإمكانها احتجاز مبادرة الاتحاد الأوروبي الخضراء الرئيسية كرهينة بسبب قضية تتعلق بالمصلحة الوطنية، فلماذا لا تفعل أي دولة أخرى؟

إنها علامة صعبة على المستقبل إذا استطاعت دولة عضو أن تفعل ذلك، فما الذي سيوقف الدولة التالية؟ هذا ليس اتجاهًا نحتاج إلى المضي فيه، إن بنية صنع القرار بالكامل ستنهار إذا فعلنا ذلك جميعًا.

واعتبرت الصحيفة أن ليس كل بلد لديه نفوذ ألمانيا أو يمكنه جعل عملية صنع القرار في الاتحاد الأوروبي تُفدى بنفس الطريقة، لكن ملاحظة كاريش تعكس إحساسًا بالظلم تشعر به بعض الدول الأصغر، وهذا له تأثير مدمر على وحدة الاتحاد الأوروبي.

وأكد جورج زاتشمان من مركز أبحاث بروغويل ومقره بروكسل: “ما هو على المحك هو حالة اليقين من الاستثمار في أوروبا”.

إذا كانت هذه المعارك الطويلة تستمر لمدة أسبوع واحد في اتجاه واحد والأسبوع التالي في اتجاه آخر … فهذه ليست أخبارًا جيدة للاستثمار في التخلص من الكربون في أوروبا.

وأردف زاتشمان: “سيكون من الجيد أن نجد طريقة للعيش ونتركها تعيش” ، مما يتيح “للدول الأعضاء قدرًا من حرية التصرف بشأن طريق إزالة الكربون”.

الغبار النووي

وذكرت “بوليتيكو” أنه فيما يتعلق بالمسألة النووية، لطالما كانت فرنسا وألمانيا قطبين متضادين.

وتحصل فرنسا على معظم احتياجاتها من الكهرباء من الطاقة النووية، وترى أن التكنولوجيا هذه ضرورية للوصول إلى التخلص من انبعاثات الكربون.

على النقيض من ذلك، تقوم ألمانيا بالتخلص التدريجي من آخر مفاعلاتها – تتويجًا لمعارضتها التاريخية للطاقة النووية، وهي مسألة إيمان خاصة بالنسبة لنشطاء البيئة في الائتلاف الحاكم في برلين.

وأضافت الصحيفة: “نادرًا ما أدى هذا الانقسام بين أكبر قوتين في الاتحاد الأوروبي إلى صراعات واسعة النطاق في الماضي، حيث أن مزيج الطاقة في كل بلد هو قضية وطنية”.

ونوهت “بوليتيكو” إلى أنه “من المرجح أن تظهر القضية مرة أخرى عندما يجتمع وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء المقبل، مع وضع أسواق غاز الهيدروجين على جدول الأعمال”.

لدى فرنسا عدد متزايد من الدول في معسكرها المؤيد للطاقة النووية، حيث تعقد “تحالفًا نوويًا” من 11 دولة عضو.

ودفعت مخاوف، العام الماضي، بشأن أمن الغاز العديد من أولئك الذين كانوا في السابق على السياج إلى المراهنة على الطاقة النووية كخيار احتياطي.

وقلة هم الذين يتابعون هذه القضية بصوت عالٍ مثل باريس التي تخطط لمسار “نهضة” بناء محطات الطاقة النووية وستستفيد بشكل كبير إذا كانت الطاقة النووية مؤهلة للحصول على دعم من الدولة المدعومة من الاتحاد الأوروبي ولوائح مخففة.

وختمت الصحيفة: “هناك شيء واحد مؤكد: لا يوجد شيء جديد على الوحوش الكبرى في الاتحاد الأوروبي التي تستخدم آلة بروكسل لتحقيق مصالحها الخاصة”.

المصدر: سبوتنيك