الرئيسية » سياسة » دعم بمليارات الدولارات.. كيف تواجه واشنطن نفوذ الصين بجزر المحيط الهادي؟

دعم بمليارات الدولارات.. كيف تواجه واشنطن نفوذ الصين بجزر المحيط الهادي؟

اقترحت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن رصد ميزانية بمليارات الدولارات لدعم جزر المحيط الهادي، ضمن خطة تقودها البلاد لمواجهة التوسع والنفوذ الصيني هناك. ويأتي هذا في وقت تضاعف بكين به جهودها الاقتصادية والسياسية لحشد أكبر عدد من تلك الجزر إلى صفها.

مع اشتداد التوتر بين الولايات المتحدة والصين أصبحت منطقة المحيط الهادي حلبة تنافس شديد بين الجانبين. إذ تشكل تلك المنطقة للقوتين العالميتين عمقاً استراتيجياً، باعتبار أنهما يطلان على ذلك المحيط وأن لهما نشاطاً تجارياً وعسكرياً هناك.

وتستمر الصين في توسيع دائرة نفوذها بالمنطقة عبر مضاعفة الجهود الاقتصادية والسياسية الأمنية لإدخال أكبر عدد من تلك الجزر إلى مجال هيمنتها. وهو ما يدفع إدارة الرئيس جو بايدن خلال خطة الإنفاق العام التي اقترحتها الخميس إلى رصد ميزانية بمليارات الدولارات لدعم جزر المحيط الهادي، في خطة لكبح النفوذ الصيني هناك.

ميزانية بمليارات الدولارات

تضمَّن بند ميزانية وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ضمن خطَّة الإنفاق التي اقترحها البيت الأبيض الخميس غلافاً مالياً يفوق قدره 7.1 مليار دولار لتمويل جزر مارشال وميكرونيزيا وبالاو. وقال البيت الأبيض إن تلك المدفوعات كانت جزءاً من استراتيجيته لـ”المنافسة الخارجية للصين” وتقوية التحالفات والشراكات الأمريكية بمنطقة المحيطين الهندي والهادي.

ووصفت تقارير إعلامية غربية هذه الميزانية بأنها “أكبر بند منفرد في الميزانية للمنطقة بخطة الإنفاق”، بصرف النظر عن البرامج العسكرية المباشرة، التي من أبرزها برنامج تطوير الغواصات النووية مع أستراليا والمملكة المتحدة.

ودافع البيت الأبيض عن مقترحه بأن “الصين هي المنافس الوحيد للولايات المتحدة سواء على مستوى عملها على إعادة تشكيل النظام الدولي وتزايد قوتها الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية للنجاح بمساعيها تلك (…) خلال هذه الأوقات غير المسبوقة وغير العادية تتطلب الميزانية موارد تقديرية وإلزامية على حد سواء للتغلب على الصين وتعزيز الرخاء الأمريكي على مستوى العالم”.

وستُصرف الإعانات الأمريكية لهذه الجزر على مدى 20 عاماً، إذ ستمدد اتفاقيات الارتباط الحر مع الدول الثلاث التي يعود تاريخها إلى ستينيات القرن الماضي، التي بموجبها تزودها الولايات المتحدة بالخدمات الأساسية والدعم الاقتصادي مقابل حقوق إنشاء القواعد العسكرية والمعاملة التفضيلية الأخرى.

ومن غير الواضح إن كان الكونغرس الأمريكي سيوافق على هذه المساعدات، إذ يواجه اقتراح الميزانية الإجمالية استقطاباً حاداً بمجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون. لكن مقابل هذا كان أعضاء الكونغرس أظهروا وحدة نادرة بمواجهة الصين، وعرضوا سابقاً احتمالية رؤية مساعدة جزيرة المحيط الهادئ بإيجابية.

وإذا وافق الكونغرس فستحصل ميكرونيزيا على 3.3 مليار دولار وجزر مارشال 2.3 مليار وبالاو 890 مليوناً بين عامَي 2024 و2044، إضافة إلى 634 مليون دولار لمواصلة إدارة خدمة بريد الدول الثلاث.

قلق أمريكي بشأن جزر المحيط الهادي

يزيد القلق الأمريكي بشأن دول المحيط الهادي الثلاث التي خصَّتها الميزانية المقترحة بالدعم، لقرب انتهاء اتفاقيات الارتباط الحر معها، ما سيتيح فرصة أمام الصين لتوسيع نفوذها هناك. حيث ستنتهي الاتفاقيات الحالية هذا العام مع جزر مارشال وميكرونيزيا، فيما تنتهي الاتفاقية المبرمة مع بالاو عام 2024.

وتشهد الاتفاقيات انتقادات من سكان الجزر لأن نسخها السابقة لم تستجب بشكل كافٍ لاحتياجاتهم، ولم تعالج القضايا البيئية والصحية الممتدة التي سببتها التجارب النووية الأمريكية بالخمسينيات والستينيات.

وتكثف الصين محاولات استفادتها من الوضع المضطرب لتحقيق اختراق بتلك الجزر. وكان رئيس ميكرونيزيا المنتهية ولايته دافيد بانويلو في رسالة إلى البرلمان الجمعة اتهم بكين بممارسة الفساد والمضايقات والتهديد و”العدوانية السياسية” ضد بلاده. وهو ما أدانته الخارجية الصينية معتبرة إياه “افتراءات”.

وعموماً خلال السنوات الأخيرة تستمر الصين بتوسيع دائرة نفوذها في منطقة المحيط الهادي بتكثيف جهودها الاقتصادية والسياسية الأمنية. ما يفسر حسب مراقبين كونها صارت المانح الرئيسي بالمنطقة بجانب الشركاء التقليديين كالولايات المتحدة وأستراليا.

ووفق أرقام الحكومة الصينية مولت بكين أكثر من 100 مشروع مساعدات بمنطقة المحيط الهادي وتبرعت بأكثر من 200 دفعة من الدعم العيني، ودربت نحو 10 آلاف متخصص محلي منذ السبعينيات. وحسب خارطة للإعانات بمنطقة المحيط الهادي أصدرها معهد “لوي” عام 2022 قدمت الصين بين عامَي 2008 و2020 ما يقرب من 3.148 مليار دولار إلى جزر المنطقة، منها 3.145 مليار دولار باتفاقيات ثنائية.

إضافة إلى الشراكات الأمنية بين بكين وتلك الدول، وأبرزها وقعت مع جزر سليمان عام 2022. وبموجبها سيسمح لبكين بإرسال أفراد شرطة وجيش إلى الجزر “للمساعدة بالحفاظ على النظام الاجتماعي”، كما يمكن للسفن الحربية الصينية بالتوقفبمرافئ البلاد، وفق ما كشفه رئيس الوزراء ماناسيه سوغافاري.

ولمواجهة هذا النفوذ استضاف الرئيس الأمريكي بايدن بسبتمبر/أيلول الماضي قادة جزر المحيط الهادئ في قمة واشنطن التي تعهد فيها بالمساعدة بدرء “الإكراه الاقتصادي” الصيني، ووعد بالعمل بجدية أكبر مع الحلفاء والشركاء لتلبية احتياجات سكان الجزر.

وفي هذا الصدد أيضاً أعلنت بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا في سبتمبر/أيلول 2021 إنشاء حلف عسكري يحمل اسم أوكوس لـ”حماية مصالحها” في المحيطين الهادي والهندي أمام النفوذ الصيني هناك. ما أثار امتعاضات، على رأسها الصين التي رأت فيه بداية “حرب باردة” جديدة.

المصدر: TRT عربي

x

‎قد يُعجبك أيضاً

بعد نصف عام على الحرب: كيان الإحتلال لم ينجز أيا من أهدافه

لم يتم القضاء على حماس وقدراتها العسكرية ولم تتم إعادة الرهائن؛ سكان الشمال لم يعودوا ...